Loading... calender -- clock -- location الرياض

الصحافة الورقية..البداية والتاريخ

الصحافة الورقية..البداية والتاريخ

بقلم د. عبدالكريم السمك

تظل الصحافة هي الأرضية الأولى، والأساس الذي قام عليه الإعلام منذ نشأته بجميع مكوناته المعروفة، فالإعلام اليوم بمكانته وأهميته، وبعد أن تعاظمت رسالته وأهدافه، أطلق عليه السلطة الرابعة في كثير من المجتمعات الإنسانية في العالم، وحظي الإعلام بهذه المكانة بسبب كونه الأكثر التصاقا بمواطني أي مجتمع، وذلك بسبب كونه يوجه الرأي العام، أو ما يعرف برأي الشارع، هذه الرسالة الخدمية للإعلام اليوم، كانت الصحافة هي وحدها حاملة هذه الأمانة، ومن هنا جاءت الضرورة لأن تفتح مجلة أحوال المعرفة قلبها لتقديم موضوع الصحافة في تاريخ نشأتها ورسالتها التي تعيشها في عالمنا العربي، من خلال كتاب "تاريخ الصحافة العربية" لمؤلفه الفيكونت فيليب دي طرازي، والذي يعتبر المصدر الأول في هذا الفن الحديث الوالدة في عالمنا العربي، ليطلعنا عن تاريخ الصحافة العربية ورجالها، فكان المصدر الأول والوحيد في تاريخ نشأة الصحافة العربية وغير العربية ومعرفة رجالها.

وصف الكتاب

يشير المؤلف في مقدمة كتابه، إلى أنه عندما آمن بفكرة الكتاب، على أن يكون كتابا جامعا لكافة وعموم الصحافة، العربية وغير العربية، وكان أعد نشرة عممها على جميع معارفه بأن في نيته تأليف كتابه الذي بين أيدينا، فبعد أن علموا بمشروعه هذا، انهالت عليه الرسائل والكتب في دفعه لهذا العمل الكبير، لسد ثلمة في تاريخ العرب العلمي، من خلال الاهتمام بهذا الفن، أمام الصحافة الغربية، ويشكر الكاتب على عمله هذا، السيما وأن الكتاب بعد نشره، كان قد استوفى المادة العلمية له، وذلك لكون مؤلفه قد أدرك وعايش عصر أبناء هذا الفن، فكان معاصرا ومصادقا لمعظم من ترجم وتكلم عنهم، فاستدركفي قضية المعاصرة لهؤلاء الرجال، ما قد يفوته من العلوم والأخبار بوفاة أصحابها، فهذه الخصوصية المعنية بالمعاصرة لمؤلف الكتاب، من أهم الخصوصيات في سمو قيمة الكتاب وعلميته، وحسب ما أشار له المؤلف في المدة التي قضاها، فقد كانت سنتين، ثم ألحق بها الفهارس للصحف والمجلات على المستويين العربي والعالمي، وتم له نشر الكتاب سنة 1913م، وملاحق الفهارس، المعنى بالصحف، كان قد جاء من بدايات نشأة الصحافة وحتى سنة 1929م، والملاحق المراد بها، هي التي احتواها الجزء الرابع وتم الانتهاء منها سنة 1929م، ونشرت سنة 1933م.

ومن حيث المواصفات الفنية، فقد جاء الكتاب في مجلدين ضخمين، تجاوزت أعداد صفحاته الألف صفحة، والمجلدين أربعة أجزاء، وقد جاء الجزء الأول والثاني، معنيا بتراجم أصحاب الصحف، مع صور شخصية لهم، وختم الكتاب بفهرس وجداول عامة تشمل أسماء الصحف بلا استثناء، فجاءت هذه الفهارس والجداول في (12)  جزءا.

ترجمة مؤلف الكتاب عند الزركلي في كتاب الأعلام

المؤلف من معارف الزركلي وقد عايشه في بيروت فيما قبل الحرب العالمية الأولى، وبالنسبة لتاريخ والدة ووفاة الطرازي، فقد كانت بين سنوات (1282 – 1375هـ = 1865 – 1956م)، الفيكونت هو لقب تشريفي منحته إياه فرنسا لمكانته العلمية وسمو قدره، واللقب هذا يسود في فرنسا، واسمه الكامل هو: فيليب بن نصر الله بن أنطون دي طرازي، مؤرخ الصحافة العربية، وأديب كبير وعضو من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، وهو من أعيان السريان الكاثوليك أصله من الموصل، من أسرة آشورية، هاجر أسلافه إلى حلب، وذلك لأن الموصل في ذلك العهد، كانت شامية في جغرافيتها، وقد تفرق أسلافه في بلاد الشام ومصر، وجاءت نسبتهم هذه، إلى جدة لهم كان اسمها هيلانة، وكانت طرازة، وهذا العمل يعرف بفن التطريز على القماش، والعباءات الغالية الثمن، وقد نسب هو وعائلته إلى جدتهم هذه الطرازة، فقيل لهم بنو الطرازة، ولد فيليب في بيروت، والتحق بمدرسة الآباء اليسوعيين، اشتغل بالتجارة واتسعت ثروته، ودأب على التأليف والكتابة في المجلات وبعض الصحف، فصنف كتابه الذي بين أيدينا الذي نقوم على التعريف فيه ودراسته، وله العديد من المؤلفات، وكانت كالتالي:

1. خزائن الكتب في الخافقين – ط – في أربعة أجزاء

2. صدق ما كان عن تاريخ لبنان وصفحة من أخبار السريان – ط – في مجلدين

3. عصر العرب الذهبي – ط –

4. علاقات ملوك العرب بملوك فرنسا – ط –

5. المخطوطات المصورة والمزوقة عند العرب – ط –.

ويشير الزركلي إلى أن ما تم له نشره قد بلغت في حدود العشرين كتابا، وثالثين عمال لا زالت مخطوطة، وقد زاره الزركلي سنة 1955م، في بيته فوجده قد انحنى ظهره وفقد بصره، فآلمه وضعه الصحي، فقد كان ي شبابه أنيقا في ملبسه، وهو صاحب الفضل في إنشاء دار الكتب الوطنية في لبنان، وبعد سنة من زيارته له أدركته الوفاة.

الصحافة لغة واصطلاحا

ارتبطت والدة الصحافة بميلاد الطباعة، ولهذا فقد عرفت البندقية أول صحيفة سنة 1566م، وكانت تسمى "غزته"، وكل صحيفة جاءت بعدها حملت اسم غزته، والصحافة صناعة الصحف، والصحف مفردها صحيفة، والصحافيون القوم الذين ينتسبون إليها ويعملون فيها، وأول من استعمل لفظ "الصحافة" بمعناها الحالي الشيخ نجيب الحداد، منشئ جريدة "لسان العرب" في الإسكندرية، وكانت تسمى الصحف في أول عهدها "جرائد" ومنها جريدة "الوقائع المصرية" كما سماها رفاعة الطهطاوي، ولما أنشأ خليل الخوري سنة (1858م) جريدة "حديقة الأخبار" سماها "جرنال" وهي كلمة فرنسية تعني "يومي"، وذهب أحمد فارس الشدياق إلى استعمال كلمة "جريدة" لجريدته في استانبول "الجوائب" والجريدة تعني "الصحف المكتوبة"، كما ورد في معجمات اللغة.

وفي كتاب الله وردت كلمة الصحف في أكثر من موضع، الآية "وإذا الصحف نشرت" وفي آية أخرى "إن هذا لفي الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى"، وفي الحديث النبوي، كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيينة بن حصن كتابا فلما أخذه قال: "محمد صلى الله عليه وسلم أتراني حاملا إلى قومي كتابا كصحيفة المتلمس" والصحيفة هي الكتاب، والمتلمس شاعر معروف اسمه عبدالمسيح بن جرير" كلام بن منظور.

ولا يغيب عنا صحيفة قريش التي علقت على جدار الكعبة، بمقاطعة قريش لبني هاشم، وكانت مكتوبة على رق من جلد، والصحيفة هي قطعة من جلد أو قرطاس، كما جاء في معاجم اللغة.

وكان أهل الصحافة لا يفرقون بين الجريدة أو المجلة، التي أطلقها الغربيون على الصحف الدورية، التي تصدر عىل شكل كراسة، فمجلة "الطبيب" التي أنشأها بشارة زلزل وخليل سعادة سنة (1884م) سماها مجلة، ولما كانت الصحف تصدر في آجال معلومة، فقد سماها الغربيون "الصحف الدورية" أو الصحف الموقوته، لأنها تنشر شهرية أو أسبوعية أو يومية، ومنها اليوم من المجلات الفصلية كمجلتنا الغراء.

وجاء في تعريف الصحافة "هي مجموعة نفيسة من الأقوال السامية الدالة على شرف هذه المهنة التي تحسب بلا مراء، أعظم قوة في دولة

القلم، وقيل في الصحافة " الصحافة رسالة خالدة"، وقال تولستوي "الجرائد نفير السلام وصوت الأمة وسيف الحق القاطع، ومجيرة المظلومين، وشكيمة الظالم"، وهي كذلك "جليس العالم وأستاذ المريد. والموعد الذي يتالقى فيه المفيد والمستفيد، بل هي خطيب العلم في كل ندوة، وبريده إلى كل خلوة، والمشكاة التي ستصبح بصائر أولي الألباب، والمنار الذي تأتم به المدارك، إذا اشتبهت عليها كل شوائب الصواب"، وهناك أقوال كثيرة ومتنوعة، وجميعها روافد انتهت إلى نهر الصحافة فيما تم تعريفها فيه.

مؤرخو الصحافة ورجالها

لا يمكن حصر رجالات الصحافة لكثرتهم مع الحقبة الأولى من نشأة الصحافة، بعد أن ارتبطت النهضة في هذا الفن بالنهضة العلمية، وخاصة المدارس النصرانية التي اجتاحت بلاد الشام ومصر وولايات الدولة العثمانية الأخرى، وقبل أن تعرف الشام الصحافة، فقد عرفتها عاصمة الدولة العثمانية ومصر، ومن البلدين وصلت إلى ساحل الشام، والتي هي بيروت، وقد أشار طرازي إلى أن المنطقة العربية عرفت في المرحلة الأولى من والدة الصحافة، نشأة سبعة وعشرين صحيفة، خلال سبعين عاما.

وقد ترجم صاحب الكتاب أكثر من مائتي ترجمة شخصية لهؤلاء في كتابه، ولذلك لا يمكن ذكر جميع الأسماء التي جاء عليها صاحب الكتاب طرازي، وسأكتفي بالبعض منهم ممن لمعت أسماؤهم من خلال صحفهم وموروثهم الصحفي.

فقد شهدت مصر أول صحيفة طبعت باللغة التركية، ثم غدت تصدر باللغتين العربية التركية، وهي "الوقائع المصرية"، وفي عاصمة ال عثمان، كان رزق الله حسون الحلبي قد أصدر أول صحيفة عربية فيها، والتي هي "مرآة الأحوال"، وذلك سنة 1855م، وتبعه احمد فارس الشدياق، الذي أصدر جريدة "الجوائب"، وذلك سنة 1860م.

ومع دخول النصف الثاني من القرن التاسع عشر للميلاد فقد بدأت علائم النهضة الصحفية تشهدها بيروت، ودمشق الشام، وقد وجد عدد غير قليل من كتاب نصارى لبنان أن مصر هي الأرض الصالحة لهم، لاسيما بعد الاحتلال البريطاني لمصر سنة 1882م، فكانت جريدة الأهرام التي أصدرها الأخوان سليم وبشارة تقلا، وصحيفة المقطم التي شارك في إصدارها كل من يعقوب صروف، ود/ فارس نمر، وشاهين مكاريوس، وهذا الأخير كان الأمين العالم لمحفل الشرق الأعظم الماسوني، وله مجلة صدرت معنية بالماسونية، إضافة إلى أربعة كتب في الماسونية، ومنها سلسلة الآداب الماسونية، وقد صدرت جريدة المقطم سنة 1897م، وهناك مجله "الهلال" لجرجي زيدان، وقد صدر العدد الأول منها في 1892/9/1م، وجميع هذه الصحف والمجلات التي لم يأت ذكرها وصدرت في مصر، كانت بريطانية الهوى، ومتعاطفة مع تهويد فلسطين، ومجموعهم -أي أصحابها- من أبناء المحافل الماسونية، وتناول الدكتور على شلش دراسة نفيسة، عن الصهيونية والماسونية في مصر في القرن التاسع عشر للميلاد وأشار إلى الدور الأكبر لنصارى بلاد الشام في هذا الجانب من النشاط.

وأمام هذا فقد شهدت مصر صحافة إسلامية موازية لهذه الصحافة التي اجتاحت مصر وغير مصر، في أهدافها التغريبية للمجتمعات الإسلامية، وقد استطاعت هذه الصحافة الإسلامية مواجهة الصحافة التغريبية المعادية للإسلام وقيمه.

الصحافة الموازية وأصحابها

ردا على الصحافة القائمة في مصر يومها، وذلك من خلال ارتباطها بالمؤثرات المعادية للعرب والإسلام، وخاصة في تهويد فلسطين، والدور الإعلامي لتلك الفترة في ذلك، إضافة إلى سعي هذه الصحافة إلى الإستيلاء على عقلية الشعب المصري والعربي والإسلامي، لاسيما وأن الاستيلاء على عقول البشر لا يجدي معه السلاح، فكان الإعلام الصحفي يومها هو خير وسيلة لذلك، وكانت صحافة الإتجاه الإسلامي في مصر، في بداية القرن العشرين، لها أكبر الأثر في الدفاع عن ثوابت الأمة وأخلاقيتها وقيمها وأوطانها.

ومن هذه الصحف في رجالاتها ومسمياتها:

- الشيخ علي يوسف وصحيفته " المؤيد" وتاريخها 1898/12/1م

- الشيخ أحمد الشاذلي الأزهري وصحيفته "الإسلام" وتاريخها 1894م

- الشيخ محمد رشيد رضا وصحيفته "المنار" وتاريخها 1898م

- محمد فريد وجدي وصحيفته "الحياة" وتاريخها 1899م

- الوطني مصطفى كامل وصحيفته "اللواء" وتاريخها يناير 1900م

- وعن جمعية مكارم الأخلاق صدرت صحيفة "مكارم الأخلاق الإسلامية في يناير 1890م

- الشيخ إبراهم رمزي وصحيفته "المرأة في الإسلام" وتاريخها 1901م

- مصطفى كامل وصحيفته "العامل الإسلامي" وتاريخها 1905

- الشيخ عبدالعزيز جاويش وصحيفته "الهداية" وتاريخها 1910م

- ومن المدينة المنورة الشيخ إبراهيم سراج الدين وصحيفته "الحجاز" وتاريخها 1881/10/16م وقد أصدرها في القاهرة، حيث كان صاحبها يدرس في الأزهر. ومعظم هذه الصحف التي أدركت والدة الدولة السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن سعود، كانت قد وقفت إلى جانبه، وخاصة منهم الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ محب الدين الخطيب، ومعظم رجالات الشام في القاهرة من الكتاب.

الصحف في موضوعاتها وأنواعها

بدأت الصحف في نشأتها في تنوع الموضوعات على صفحاتها، فكان منه الخبر والشعر والأدب والسياسة والصحة، فبعد فترة من النشأة، ذهب البعض من أهل الصحافة إلى التنوع في الموضوعات المتخصصة، كالطب والسياسة والاقتصاد والجغرافية والتاريخ، والنشرات الدينية وغير ذلك من الموضوعات، التي أدت إلى تنوع الصحافة في مواضيعها، ومثل هذه المجلات والنشرات تصدر على شكل نصف شهرية، أو شهرية أو فصلية.

الأدب الإعلامي الساخر

هو أدب كتابي نقدي بارع في النقد قل من يحسنه، ومنه كانت الصحافة الساخرة، وهو أدب ساد ثم باد، وقد عرفته الساحة الإعلامية العربية، ففي مصر كانت شخصية "أبو نظارة الزرقاء" وهو يهودي مصري، واسمه يعقوب بن روفائيل صنوع، ولد في القاهرة 1839م، وهو صاحب الصحف التي عرفت "أبو نظارة زرقاء" ومرحلة أبو نظارة زرقاء -أبو زمارة- وأبو صفارة وغيرها من الصحف الهزلية وكان على صلة ومكانة في الوسط الصحفي، وكذلك عند مفكري العصر يومها، كالأفغاني ومحمد عبده، وكان يتكلم بعدد من اللغات وكان يحرر صحافته كتابة ثم يقدمها للمطبعة، ولا يغيب عنا شخصية الصحفي عبدالله النديم "صاحب صحيفة التنكيت والتبكيت"، وشاع هذا الفن من الصحافة في بلاد الشام، مع نهاية العقد الأول من القرن العشرين للميلاد، في كل نواحي بلاد الشام في وحدتها الجغرافية، فلسطين وبيروت والشام، وقد تم لي إحصاء أكثر من خمسين صحيفة، منها على سبيل المثال "جحا-جراب الكردي-الحمارة-المكنسة-حط بالخرج- أبو نواس العصري- أبو دلامة-وأكثرها عمرا كانت جريدة المضحك المبكي" لمنشئها حبيب كحالة، وقد أنشأنها سنة 1939م – 1966م،

وفي العراق صحيفة "جزبوز" التي أصدرها صاحبها الفكه المعروف "نوري ثابت" في 1931/9/29م، وعاشت حتى سنة 1938م، وجاء بعدها "البهلول" التي أصدرها "محمد حسن القطيفي" في 1932/2/27م، وفي تونس شهد الشارع الصحفي هذا النوع من الفن الصحفي، وقد مرت الصحافة الهزلية فيها في أربع مراحل عمرية، بدأت سنة 1906م وانتهت سنة 1956م، وقد بلغ عدد صحفها خلال هذه المراحل أكثر من ثلاثين صحيفة هزلية.

ويرجع هذا النوع من الكتابة النقدية الساخرة إلى الأديب المعروف الجاحظ في تاريخنا العربي، فهو لم يصل أحد إلى الإبداع الذي وصل إليه في تصويره لمن يريد أن يتحدث عنه وفيه يريد أن يكتب.

وعلى واقع هذا الخط الصحفي الساخر، فقد ارتبط فيه الرسم الكاريكاتوري، والرسمة من الكاريكاتور قد تكون أبلغ من كتاب، ولهذا فجميع الصحف من غير الهزلية اليوم، يخصها صاحب الصحيفة برسمة كريكاتورية، لما لها من وقع في نفوس قراء الصحيفة، ويشترط الرسام أن يكون مبدعا في رسوماته، وقد رأينا كيف دفع ناجي العلي حياته ثمن فنه، وكذلك ما نزل بالرسام "علي فرزات" السوري صاحب جريدة "الدومري" الساخرة، كيف كسروا له الأصابع التي يرسم فيها في بداية الثورة السوية، وقد عرفت الصحافة العربية الكثير من شهداء الصحافة، مثل سليم اللوزي وغيره.

الصحافة الصهيونية في مصر والعراق وفلسطين

نشطت الحركة الصهيونية بعد الاحتلال البريطاني لمصر سنة 1882م، وقد وجدت بريطانيا في الاحتلال لمصر مرادها كي تكون البوابة الأولى لتهويد فلسطين، وعلى هذا الواقع، فقد نشطت الحركة الصهونية في جميع الأنشطة، والاقتصادية، والتجارية، والثقافية، وكان للإعلام الصحفي الدور الكبير في هذا الجانب، فقد تم إحصاء وجود خمسة وثلاثين صحيفة يهودية تصدر في مصر، بأربع لغات عبرية، وفرنسية، وعربية، وإنجليزية.

وفي العراق كانت هناك أكثر من صحيفة يهودية تصدر في بغداد، ومنها صحيفة "المصباح" والتي كانت تتكلم عن تهويد فلسطين من تاريخ صدورها والموافق السادس من رمضان 1342هـ- العاشر من أبريل 1924م، وصاحب امتيازها سلمان شينة، وتولى تحريرها ابن السموأل، وكذلك في فلسطين في ظل الاحتلال البريطاني، كان فيها العديد من الصحف اليهودية، وتتكلم وبشكل علني عن تهويد فلسطين، وهكذا كانت حالة الصحافة اليهودية في دول عربية مرهونة بقيود استعمارية قبل ولادة إسرائيل سنة 1948م.

اهتمام جامعة الدول العربية بتاريخ الصحافة العربية ونشأتها

اهتمت جامعة الدول العربية في عهد أمينها الشاذلي القليبي، بالصحافة العربية وتاريخ نشأتها، فشكلت لجنة علمية بهذا الجانب، فقامت اللجنة بدراسة المصادر المعنية بالصحافة العربية ونشأتها، وكان كتاب الفيكونت فيليب طرازي، المصدر المباشر لإخراج هذه الدراسة العلمية، لسد ثلمة في قضية الصحافة العربية في المكتبات العربية وغير العربية، لطالما افتقرت إليها هذه المكتبات، وذلك بسبب حاجة الباحثين وطلبة العلم إلى هذا العلم في تاريخ الصحافة العربية ونشأتها، وقد جاءت الدراسة في إطارها العلمي، على شكل موسوعة بلغ عدد أجزائها خمسة أجزاء، وحملت الموسوعة عنوان: الموسوعة الصحفية العربية، وتبنت إخراجها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وجاءت سنة الطبع في سنة 1990م تونس، وجاء ترتيب الأجزاء على الشكل التالي:

1. الجزء الأول: سوريا – لبنان- فلسطين – الأردن.

2. الجزء الثاني: مصر.

3. الجزء الثالث: الصحافة العربية في بلدان المهجر.

4. الجزء الرابع: تونس - الجزائر - لبيبا - المغرب - موريتانيا.

5. الجزء الخامس: السعودية - البحرين - الإمارات - العراق - عمان - قطر - الكويت - اليمن.

إبراهيـــم الســـويلم في موســـوعته الصحفية عن دول الخليج العربي

هذا الرجل الفاضل "رحمه الله" يمتلك في مكتبته الخاصة أكثر من خمسة آلاف إصدار صحفي يحمل الرقم الأول من الإصدار، ما بين صحيفة ومجلة ونشرة، متنوعة في مواضيعها وبلدانها، وقد أخرج موسوعة كاملة عن أوليات هذه الوسائط الإعلامية، لدول مجلس التعاون الخليجي، وجاءت مرتبة عىل الشكل التالي:

1. موسوعة المملكة العربية السعودية.

2. موسوعة دولة الكويت

3. موسوعة مملكة البحرين.

4. موسوعة دولة قطر.

5. موسوعة سلطنة عمان.

6. موسوعة دولة الإمارات العربية المتحدة.

فهو جهد كريم منه رحمه الله خدم فيه هذه الدول بهذا العمل الكبير، وكان على مجلس التعاون الخليجي – القسم العلمي تبني ما لدى هذا الفاضل من هذا الكنز العلمي الثمين، وإخراجه على الطريقة التي أخرجت الجامعة العربية موسوعتها، وفي إخراجها تحت إشراف المجلس العلمي وبشكل عملي يكون أفضل إخراجها من الحال الذي خرجت فيه.

الصحافة العربية المهاجرة

ارتبطت الصحافة المهاجرة عموما بأبناء سوريا العثمانية، والمراد بها البلاد الشامية، وهي موحدة في جغرافيتها فيما قبل سنة 1920م، والتي بدأت سنة 1876م، وقد بلغ عدد المهاجرين إلى الأمريكيتين حتى نهاية العقد الثاني من القرن العشرين، في حدود (250) ألف مهاجر، وكان فيهم النصارى والمسلمون، وانتشروا في الأمريكيتين، وقد أنشئوا فيها الجمعيات الخيرية والصحف التي تنطق بالعربية، ومن الجمعيات "الرابطة القلمية السورية"، فهذه الجمعيات جمعتهم على اختلاف معتقداتهم على قاعدة المواطنة كسوريين، وقد قدم السوريين من خلال دار هجرتهم أروع المثل في أدب الاغتراب، والشوق إلى البلاد والحنين إليها.. حتى عرفت مدرسة الأدب العربي في سوريا ما يعرف بالأدب المهجري في آثارهم الشعرية والنثرية التي تم نشرها على صفحات جرائدهم هناك في دار غربتهم.. وقد أحصى فيليب طرازي الصحف المهاجرة في أمريكا فبلغت حسب البيان كما يلي:

أمريكا الشمالية: 102 صحيفة، كندا 6 صحف، المكسيك 17 صحيفة.

أمريكا الجنوبية: البرازيل 95 صحيفة، كوبا 3 صحف، الجمهورية الفضية، الأرجنتين 58 صحيفة، جمهورية تشييل 8 صحف، جمهورية الدومينكان 1 صحيفة، الأرغواي 1 صحيفة وجميعها تصدر باللغة العربية.

هذا ويضاف لها الصحف التي صدرت في كل من باريس ولندن، مطلع القرن العشرين.

وفي الختام أقول أن ما وقفت عليه في علم الصحافة، في نشأته ورسالته وأهدافه، وسمو مكانته المجتمعية، هو كبير يصعب إغلاقه لثراء مادته وسمو عطائها، آمال أن أكون قدمت شيئا في التعريف بأصول هذا الفن الذي أسميته في العنوان "الصحافة الورقية" التي أصبحت في العصر الحديث تواجه م


هل كانت هذه الصفحة مفيدة؟ نعم لا

من فضلك أخبرنا بالسبب (حدد خيارين كحد أقصى)

إغلاق Close

ابحث هنا